أخبار العالممقالات

التدخل في البلقان يمکن تطبيقه في سورية- ادوارد هالي

کريستشن ساينس مونيتور
16/11/2012


بقلم: إدوارد هالي أستاذ الدراسات الاستراتيجية والدولية في کلية کلارمونت ميکينا



في الوقت الذي يبحث فيه صنّاع السياسة في اوروبا والولايات المتحدة ودول الخليج العربي وترکيا والجامعة العربية عن سُبل حل الصراع في سورية، يتعين عليهم الرجوع قليلا الی الدرس الذي اسفر عن التدخل الدولي في حربي البوسنة وکوسوفو، والذي يؤکد دون اي شک، ان مثل هذا التدخل يستطيع وقف آلة القتل فعلا في سورية.
اذ تشير احدث التقديرات الی ان عدد ضحايا الصراع في سورية بلغ اکثر من 36.000 بالاضافة لأکثر من مليون نازح في الداخل ومئات الآلاف من السوريين الآخرين الذين فروا طلبا للسلامة والامن في البلدان المجاورة.
ومن الواضح ان استمرار اعمال القتل يعود الی حد کبير لاخفاق روسيا والصين والولايات المتحدة في مجلس الامن في الاتفاق علی التدخل في سورية، ويحدث هذا في وقت تبدو فيه الحکومة السورية مصممة علی القضاء علی الثوار، ويبدو فيه هؤلاء الثوار مصممين ايضا علی اسقاط نظام بشار الاسد في دمشق.
وهنا نلاحظ ان بريطانيا وفرنسا قد اعربتا عن تأييد متزايد للمعارضة السورية في حين اعلنت دول مجلس التعاون الخليجي اعترافها بالمجلس الوطني السوري، ومن المقرر ان يجتمع وفد من اعضائه مع مسؤولين بريطانيين في لندن قريبا جدا.


تماثل کبير


لکن يمکن القول ان ما حدث في منطقة البلقان في الماضي يتماثل بدرجة کبيرة مع الحالة الراهنة في سورية، فکما کان عليه الامر في البوسنة وکوسوفو، کانت المجموعات الدينية والعرقية في سورية تعيش مع بعضها بأمن وانسجام لعقود طويلة الا ان التطورات غير المتوقعة في کلتا الحالتين مثل انهيار الاتحاد السوفييتي وتفکک يوغسلافيا في البلقان، وزخم انتفاضات «الربيع العربي» بالنسبة لسورية، حرکت نوازع الخلاف والانشقاق، وقضت اعمال القمع والقتل الانتقامي علی فرص التحول السلمي، ثم استغرقت الجهود لإنهاء الحرب في البوسنة وقتا طويلا بسبب تباين المصالح الداخلية والخارجية مما ادی لمقتل 100.00 انسان، وما حصار سراييفو ومذبحة سريبرنييتشا الا مثالان علی العديد من جرائم الحرب في ذلک الصراع، ولم تتمکن قوة حفظ السلام الدولية من الفصل بين المتقاتلين بالنهاية الا بعد ضربات جوية مکثفة شنتها طائرات حلف شمال الاطلسي وبعد قصف مدفعي دولي وتسليح القوات الکرواتية والبوسنية، وهکذا حل سلام من نوع ما بعد مؤتمر دايتون في ولاية اوهايو الامريکية عام 1995. غير ان الشعور بالمرارة الذي اوجدته سنوات من القتل والاعمال الاجرامية حال دون المصالحة لکن علی الرغم من هذا تمکن التدخل الخارجي علی الاقل من وقف القتل.
ولاشک ان دروس حربي البلقان مفيدة جدا لمعالجة الازمة السورية فهي تبين الآتي:



< ان اعمال القتل لا تتوقف عادة دون تدخل خارجي بل وتزداد شراسة وانتشارا لغياب الوازع القانوني والاخلاقي.
< ان اتفاق القوی الخارجية امر حاسم کما ان اذعان بعض القوی الاخری شيء جيد.
< ان التدخل الخارجي لم يتحول ابدا الی تورط في مستنقع البلقان علی الرغم من ان قوات الصرب کانت مسلحة بأسحلة ثقيلة وحديثة في ذلک الوقت والسبب في هذا کان الاعتماد علی القوة الجوية فقط.
< ان المصالحة لا تکتمل فورا بل تأخذ وقتا طويلا ربما لعقود او اکثر، لکن هذا الامر لا يتعين ان يشکل ذريعة للانتظار او تأجيل القيام بالعمل المطلوب.
والآن، يمکن القول ان التدخل الخارجي في سورية ليس حلا سهلا بل ولا يلقی ترحيبا في واشنطن، بروکسيل، انقرة، موسکو او بيجين، الا ان الشيء المشجع الذي يمکن قوله هو ان فوز اوباما في الانتخابات الامريکية الاخيرة يحرره من الضغوط السياسية الداخلية لدرجة لم يکن يتمتع بها خلال فترة رئاسته الاولی.


فرصة


لذا، علی الولايات المتحدة الاتحاد الاوروبي وترکيا الاستفادة من هذه الفرصة لتشکيل تحالف واسع يضم المملکة العربية السعودية العراق، مصر والاردن للعمل معا بسرعة وعلی نحو حاسم بتصريح، او دون تصريح من مجلس الامن الدولي.
اذ يجب الاعتراف ان انقاذ حياة عشرات الآلاف من الناس لا يمکن ان يتحقق دون تدخل خارجي في سورية، وفي هذه الحالة لابد ان تتغاضی روسيا والصين وبعض الدول العربية عن هذا التدخل وتکتفي بالنقد وقبول العمل العسکري دون تفويض رسمي من الامم المتحدة.

زر الذهاب إلى الأعلى