أخبار العالم

معتقل مطار حماه العسکري.. أحدث فنون التعذيب في سوريا / روايات مؤلمة عن ثقب الأيدي وممارسات ساديّة تسبّب العمی والجنون

د أسامة مهدي


ايلاف
29/10/2012


 


کشف المرصد السوري لحقوق الإنسان عن تفاصيل ما يجري من عمليات تعذيب بشعة وقتل للمعتقلين في معتقل مطار حماه العسکري، ناقلاً عن ناشطين کانوا فيه روايات عن ممارسات تعذيب ساديّة وثقب للأيدي والأرجل بأجهزة کهربائية، إضافة إلی ممارسات أخری تسبب العمی والجنون.


أسامة مهدي: اشار المرصد الی انه بعد إنطلاق الثورة السورية في آذار/مارس من العام الماضي بدأت السلطات السورية إلی جانب قتل المتظاهرين حملة إعتقالات محمومة طالت مئات الالاف، حيث ان کل من کان محل شک تم اعتقاله، وکل من کتب به تقرير من الوشاة والمخبرين، تمت مطاردته، ومن دون التأکد من صحة الوشاية والاتهام، حتی إمتلأت السجون، وإکتظت بساکنيها، فبدأت السلطات باستعمال الکثير من المرافق العامة سجونًا، مثل ملاعب کرة القدم أو المدارس أو المراکز الحکومية والعسکرية.
واضاف المرصد في تقرير له اليوم تسلمت “ايلاف” نسخة منه ان أحد تلک الاماکن هو مطار حماه العسکري، الذي تحول الی سجن ومعتقل لمصلحة جهاز المخابرات الجوية، أحد أقسی الفروع الامنية وأکثرها بطشًا وتنکيلا بالمعتقلين، حيث يحتجز فيه الآلاف من أبناء محافظة حماه کبارًا وصغارًا، حيث تمارس بهم أقسی أنواع التعذيب والقتل الوحشي من دون رادع اخلاقي أو تأنيب من ضمير ومن دون محاسبة أو سؤال من أحد،  لعدم توافر سجلات رسمية للمعتقلين، کما ان المکان نفسه ليس بمعتقل رسمي يمکن محاسبة مسؤوليه والسؤال عن قاطنيه. يذکر ان مدينة حماه تبعد عن العاصمة دمشق (210 کم) وعن مدينة حلب (135 کم).



نشطاء يتحدثون عن فظائع



ويقول أحد نشطاء المرصد، والذي کان معتقلاً في معتقل مطار حماه العسکري، الذي يشرف عليه العقيدان سيئا السمعة: سهيل الحسن وعلي بعيته، ان المطار قد تحول الی مملکة خاصة بهما، حيث يتحکمان بحياة المعتقلين، کما لو کانوا قطيعًا من الخراف يملکونها، کما يقول معتقل سابق آخر.
إضافة اليهما هناک عدد من المساعدين والشبيحة، الذين يعتبرون من عتاة المجرمين، مثل المدعو طلال الدقاق وبکري السرميني وشقيقه مسعف من قرية سمحانة، حيث إن مهامهم تشمل حملات المداهمة والاعتقالات للقری والبلدات الحموية، کما انهم يقومون بأعمال السلب والنهب، إضافة إلی إبتزاز أهالي المعتقلين والقيام بأعمال السمسرة للإفراج عنهم مقابل المال لمصلحة العقيد سهيل الحسن، الذي تقول تقارير متطابقة في المعلومات، إنه أحد أشد الضباط السوريين فتکا وتعذيبًا بالمعتقلين الذين قضی کثير منهم تحت التعذيب الذي يمارسه رجال الحسن بأوامر مباشرة منه شخصيًا.



أبرز أساليب التعذيب داخل مطار حماه



يؤکد المرسد أن هنالک الکثير من اساليب التعذيب المعروفة سابقا في المعتقلات السورية تمارس غالبيتها في هذا المکان، إلا أن السجانين ابتکروا طرقا جديدة للعتذيب، إحداها تسمی “حرکة القطار”، حيث يُعرّی السجناء تمامًا، ويتم إجلاسهم بوضعية تشبه الرکوع، ويکونٌون علی شکل دائرة مغلقة، ويتم بذلک وضع أنف کل سجين بمؤخرة الذي أمامه، وهکذا… يقول أحد المعتقلين: (تأثرت کثيرًا وبکيت في داخلي عندما أٌجبر أب وابنه أن يکونا في هذا الوضع).
کما يتم وضع السجناء في ملاجئ الطائرات أو ما يسمی بـ(الهنکار) باللغة العامية، ليصل عددهم أحيانًا في (الهنکار) الواحد إلی أکثر من 500 معتقل، ويمکن للمرء أن يتخيل کيف يکون الوضع في فصل الصيف؟، حيث وصلت درجات الحرارة إلی ما فوق الخمسين درجة مئوية أحيانًا، وهو ما أدی إلی وفاة الکثيرين ممن کانوا يعانون مشاکل صحية تتعلق بأمراض القلب أو بالتنفس، وترکت جثثهم أيامًا بين المعتقلين من دون أن يتم إخراجها من بينهم وتسليمهم إلی ذويهم أو حتی دفنهم.
کذلک يٌجبر المعتقلون علی قضاء حاجتهم في المکان نفسه (لعدم توافر دورات المياه) ومن دون السماح لهم بالذهاب إلی أية مراحيض أو أماکن مخصصة لذلک.
يقول معتقل آخر: (في الظهيرة کان السجانون يتسلون بالمعتقلين، ويمارسون ضدهم عمليات تعذيب سادية غريبة، لا يمکن أن يکون ممارسها إنسانًا سويًا، حيث کانوا يقومون باستعمال کماشات للإمساک بخصي المعتقلين، مما کان يتسبب لهم بآلام لا تطاق، والبعض الآخر کانوا يقومومون بثقب أياديهم أو أرجلهم باستعمال مثقاب کهربائي الی غير ذلک من فتون التعذيب المعهودة والمعروفة.



توثيق نماذج من ضحايا التعذيب



يستعرض المرصد نماذج من الحالات التي تم توثيقها داخل المعتقل، مشيرا اليهم بالاحرف الاولی من اسمائهم لاسباب امنية:
 – مقتل الشاب ا – م – ا: بعد اعتقال اخيه ا – م – ا طالب المدعو طلال الدقاق عائلته بدفع فدية مبلغ 2 مليون ليرة سورية مقابل الافراج عنه، کما قام بأخذه مکبلاً الی قريته الشيحة، وذلک للضغط علی والديه، مما سبب لهما حالة انهيار عصبي، نقل والده علی اثرها الی المستشفی، مصابا بأزمة قلبية، کما قام العقيد علي بعيته ايضا بالاتصال بالعائلة والضغط عليها وابتزازها، حيث اشترط ان يتوجه شقيقه الی المطار بمفرده، ومعه المبلغ المتفق عليه لإطلاق سراح اخيه، إلا ان شقيقه ايضا فقد بعد دخوله المطار، ووجد بعد ايام مقتولا وعلی جسده اثار تعذيب شديد ومذبوحا من الوريد الی الوريد.
 – مقتل الاستاذ المتقاعد م – ا – ح: اعتقلته المخابرات الجوية، واقتادته من ارضه، حيث کان يعمل اثناء مداهمة القرية، وفقد وبعد ثلاثة اشهر، تم استلام جثته من المشفی العسکري في حمص، ويعتقد انه مات تحت التعذيب الشديد في المطار، حيث کان يشکو  أمراضًا عدة، منها القلب والجهاز العصبي.
– الشرطي ح -م – ح: وهو کان يعمل شرطيا في البلدية، اعتقل من منزله بتقرير کيدي بسبب خلاف علی إرث بينه وبين احد أقربائه من قرية قمحانة، وتوفي تحت التعذيب، بعدما تسبب التعذيب في جنونه إثر ضربه علی رأسه، وقطعت اصابع يديه، ومازال الأمن يحتفظ بجثته.
 – خ – س – إ: عامل في مشتل زراعي مع خ س، لم تتم معرفة طريقة قتلهما ولماذا، وهما شابان بسيطان للغاية، وفقيران، وهما يعملان في مؤسسات الدولة بعقد جزئي، ووجدت بقع دم عدة في مکان تواجدهما في المشتل، ولم تسلم جثتهما حتی الان.
– معتقل افرج عنه حديثا اسمه م – ع – ي اصيب بالعمی نتيجة ضربة علی رأسه کما کسرت يداه وکتفاه.
 – ا – ا – س توفي تحت التعذيب في المطار، وأدعی الأمن انه حاول الهرب، وقام بعرض جثته علی السجناء قائلا ان هذا مصير کل من يحاول الهرب.
– المعتقل ا – إ: خرج بفدية مقدارها 4 مليون ليرة سوري (الابتزاز).
واکد المرصد انه وثق العشرات من الحالات المختلفة من قتل وتعذيب وإصابات مختلفة وعاهات مستديمة، اوضح انه يتحفظ عن ذکر اسماء کل الضحايا حاليًا حفاظًا علی سلامة عائلاتهم ومنعًا لمحاسبتهم مرة اخری.

زر الذهاب إلى الأعلى