أخبار إيرانمقالات

حريق الريال الإيراني – طارق الحميد

الشرق الاوسط
7/10/2012


بقلم: طارق الحميد


صحيح أن عملية انهيار الريال الإيراني المتواصلة لا تشير للآن إلی أن لحظة انفجار ما قادمة في إيران، کما يردد بعض المهتمين، لکنها تطرح عدة أسئلة عن واقع النظام السياسي الإيراني، داخليا وخارجيا، خصوصا أن لسعة حريق الريال تمس العصب الحساس داخليا (التجار والمواطنين)، وخارجيا (عملاء إيران).
 
وبالطبع، وکما هو متوقع، فإن النظام الإيراني سيفعل المستحيل، لوقف انهيار العملة الإيرانية، وبالتالي تفويت فرصة أي اهتزازات سياسية داخلية، لکن هذا الأمر يفرض أسئلة عدة، کما ذکرنا، عن مقدرة إيران بالتعامل مع استحقاقات المرحلة. فهل ستستمر إيران بدعم نظام طاغية دمشق بشار الأسد إلی ما لا نهاية، وهو نظام شارف علی الرحيل؟ فالمعلن أن طهران قدمت قرابة عشرة مليارات دولار للأسد، أموالا، أو عتادا، وحتی بالرجال، ومعها حزب الله الذي قدم مقاتلين دفاعا عن الأسد، والحزب ممول أيضا من إيران، فهل تستطيع طهران مواصلة هذا التمويل رغم التململ الداخلي، الذي يشکل خطورة حقيقية علی النظام السياسي هناک، أم أن الأمر سيدفع إيران للتفکير ليس بعقلانية، بل ببراغماتية الأمر الواقع، والتي تقول لماذا الاندفاع خلف تمويل نظام سيسقط لا محالة بسوريا، خصوصا أن الأوضاع الداخلية في إيران تنبئ بخطر کبير؟
 
الأمر الآخر أن إيران مهددة اليوم بأنها واقعة بالمنطقة الحمراء التي رسمها لها رئيس الوزراء الإسرائيلي، الذي قام بتشکيل رأي عام قوي، علی أثر خطابه بالجمعية العامة للأمم المتحدة، فهل طهران قادرة علی مواجهة خطر کبير بهذا الحجم بينما وضعها الداخلي غير مستقر، ومرشح للحظة انفجار، خصوصا أن العقوبات الاقتصادية الدولية مستمرة، مما يعني أن انهيار العملة الإيرانية مستمر أيضا؟
 
القصة هنا ليست قصة قراءة الودع، أو التمني، بل هي محاولة لمعرفة کيف من الممکن أن يکون التفکير بطهران اليوم مع هذه الظروف الحساسة التي هي من صنع أيديهم بلا شک؛ فمن الطبيعي أن الإطالة في العبث بالمنطقة، واللعب مطولا خارج الأراضي الإيرانية، سينعکس علی الوضع الداخلي الإيراني، فکما ذکرنا من قبل فإن الوضع السوري بحد ذاته تحول إلی عملية استنزاف لإيران، اقتصاديا وسياسيا، وبشکل کبير جدا. وأبسط مثال علی الاستنزاف السياسي، مثلا، حجم المعلومات التي باتت تسرب الآن عن لقاءات الجنرال قاسم سليماني مع بعض القيادات العراقية، وتحديدا الکردية، فالواضح أن هناک من بات يلجأ للإعلام، وتحديدا الغربي، لإحراج إيران أکثر، وفضح تدخلها السافر في سوريا، خصوصا بعد المعلومات التي ترددت عن الضغوط التي بات يواجهها قاسم سليماني نفسه في إيران بسبب عدم إنجازه أي شيء ملموس في الدفاع عن بشار الأسد، وطوال تسعة عشر شهرا!
 
وعليه، فليس المقصود هنا القول بأن إيران قد تُغير مواقفها، وإنما القصد هو القول: هل تستطيع إيران الاستمرار بمواقفها، وتحديدا في سوريا؟ وهل طهران أيضا قادرة علی الخروج من عنق زجاجة المنطقة الحمراء التي رسمها نتنياهو لطهران في الأمم المتحدة، والوضع الإيراني الداخلي غير متماسک؟ هذا هو السؤال الذي يجب البحث عن إجابة له لأنه سيترتب عليه الکثير، وبکافة الأصعدة، في قادم الأيام.

زر الذهاب إلى الأعلى