أخبار إيرانمقالات

حصان طروادة لمرحلة مابعد الاسد- نزار جاف

ايلاف
2012/7/7



بقلم: نزار جاف


 
إسقاط الاسد الذي بات وشيکا و يکثر الحديث بشأنه بصورة ملفتة للنظر، و العقوبات النفطية المفروضة علی النظام الايراني و الذي بدء تطبيقها منذ الاول من تموز/يوليو الجاري، بمثابة جدارين کئيبين يخيمان بظلالهما الداکنة علی طهران و يکادا أن يرسما او يحددا بصورة او بأخری ملامح إيران جديدة من دون نظام ولاية الفقيه.


إزدياد العزلة الدولية لنظام بشار الاسد و وصول حلفائه و مؤيديه الی حالة من اليأس الکامل بشأن بقاء و إستمرار هذا النظام، هاجس شغل و يشغل النظام الايراني و يقض من مضجعه ليل نهار، وهو يسعی بکل جهده من أجل التصدي لهذه الازمة البالغة الخطورة علی مستقبله بطريقة تکلفه”أقل الخسائر الممکنة” علی أقل تقدير، وقد تدفع العقوبات النفطية بالنظام الايراني الی الاسراع بمخططاته بشأن مستقبل النظام السوري و التسابق مع الزمن، ذلک أن الزمن لم يعد کالسابق يخدم طهران وانما و علی العکس تماما في غير صالحها بالمرة.


مايتردد هنا و هناک بشأن إتصالات أجراها نوري المالکي رئيس الوزراء العراقي لإقناع بعض الدول العربية و الاوربية لحسم مسألة سوريا و الاطاحة بنظام بشار الاسد عن طريق إيران، هو في واقع الامر جزء او جانب من المخطط الذي وضعه النظام الايراني و قام بالعمل علی تفعيله عبر حليفه الاساسي في المنطقة نوري المالکي، وهذا السيناريو المحبوک بصورة دقيقة، تم وضعه في لحظات حرجة و حاسمة من عمر النظام السوري و النظام الايراني نفسه بالاضافة للأوضاع الحرجة للمنطقة ذاتها، والهدف الاساسي منه ليس المساهمة بإسقاط الاسد من أجل إنتفاضة الشعب السوري، وانما في سبيل المشارکة في مسألة صنع البديل السياسي القادم في سوريا و فرض وجود “خاص” للنظام الايراني في النظام السياسي لمرحلة مابعد الاسد بحيث من الممکن جدا إستخدامه کحصان طروادة عندما تستدعي الحاجة الی ذلک، وبديهي أن النظام الايراني يريد أن يضرب عصفورين بحجر واحد، فهو بالاضافة الی مشارکته في عملية صنع النظام البديل، يريد أيضا أن يعمل علی إيقاف المد الثوري المتجه إليه”في النهاية”، من خلال خداع الشعب الايراني و شعوب المنطقة بإنه کان”المساهم و العامل الاکبر”، في إسقاط النظام السوري!
ولاريب أن النظام الايراني قد فکر أيضا بعمق في ان مسألة رسم سيناريو اسقاط الاسد في هذه اللحظات الحرجة و التي تکاد أن تشبه الوقت بدل الضائع، ستکون لها مردودات إيجابية علی العلاقات السياسية بينه و بين الانظمة التي أعقبت الربيع العربي و علی وجه الخصوص النظام السياسي الجديد في مصر و الذي يبدو أنه يحذر کثيرا من النظام الايراني و يتحسب منه علی خلفية موقفه المتشدد من إنتفاضة الشعب السوري و المنحاز الی النظام کاملا، وهناک أيضا ثمة نقطة أخری تقلق النظام الايراني‌ و يتوجس ريبة منها و هي التقارب الحاصل بين البرلمانات العربية و منظمة مجاهدي خلق من خلال تعاطف هذه البرلمانات و دعمها لسکان مخيمي أشرف و ليبرتي، خصوصا في مصر و دول أخری کالاردن و البحرين و اليمن، ويريد النظام من خلال ردم هوة نظام الاسد أن يلتف علی ذلک التعاطف و الدعم و يفرغه من محتواه، کما انه من المفيد أيضا أن نلفت الانظار الی أن سيناريو الملالي لإسقاط الاسد و المجئ ببديل اخر له، يصب أيضا في سياق اللعب و المناورة ضد تطبيق العقوبات النفطية الاخيرة علی النظام الايراني، و إظهار نفسه بدور”الناصح الامين”و”الحريص”علی أمن و استقرار المنطقة و العالم، ومن هنا، فإن علی دول المنطقة بصورة خاصة و الدول الغربية بصورة عامة أن تأخذ حذرها الکامل من هذا السيناريو المشبوه جملة و تفصيلا و لاتسمح بأن يکون لنظام ساهم و يساهم و بصورة مباشرة و غير مباشرة في قتل و ذبح الشعب السوري، ثمة دور في رسم و صناعة سوريا المستقبل.

زر الذهاب إلى الأعلى