أخبار العالم

مظاهرات في العاصمة اليمنية تطالب برحيل علي صالح وسط اعتقالات وسقوط قتلی وجرحی

وکالات الأنباء وصحيفة «الشرق الأوسط» – 25 و26 آذار (مارس) 2011:
شهدت العاصمة اليمنية صنعاء، أمس، مظاهرات غير مسبوقة للمطالبين بإسقاط النظام والمؤيدين، في يوم جمعة حمل أکثر من اسم وأکثر من هدف وغاية، في الوقت الذي شهدت فيه البلاد تطورات أمنية وسياسية أخری. وخرجت حشود غفيرة من المواطنين للتظاهر إلی جانب المعتصمين في «ساحة التغيير» بوسط العاصمة صنعاء للمطالبة برحيل النظام، وأدی المحتشدون الذي قدر عددهم بقرابة المليون شخص، بحسب تقديرات المعارضة، صلاة الجمعة في الساحة والشوارع المجاورة لها، وهم يرددون الشعارات المطالبة برحيل الرئيس علي عبد الله صالح والأدعية الهادفة إلی التخلص من نظامه. وعلی الرغم من الهدوء علی الصعيد الأمني، فإن عددا من المتظاهرين سقطوا جرحی برصاص قناصة بزي مدني اعتلوا سطح بناية سکنية في شارع الدائري، تسمی «عمارة الحاشدي»، في حين سارع أفراد من الجيش اليمني التابعين لـ«الفرقة الأولی مدرع»، إلی محاصرة البناية، وبحسب شهود عيان فقد جری اعتقال 5 من المسلحين واقتيادهم إلی معسکر الفرقة. ورفع المعتصمون والمتظاهرون في صنعاء «کروتا» حمراء اللون بحجم کف اليد، کتب عليها: «ارحل»، کما وزعت بعض مطالبهم، وفي مشهد آخر، حشد الرئيس اليمني مئات الآلاف من أنصاره في مظاهرة کبيرة بوسط ميدان «السبعين يوما» قرب «دار الرئاسة» وفي «ميدان التحرير» وبعض شوارع العاصمة، وذلک ردا علی دعوة «شباب الثورة» والمعارضين في تکتل «اللقاء المشترک» للمظاهرة في ما سميت «جمعة الرحيل»، وأطلق مؤيدو صالح اسم «جمعة التسامح» علی مظاهرتهم.
وقد أعلن الرئيس اليمني صالح، وسط عشرات آلاف من أنصاره المحتشدين بصنعاء، عن استعداده للتنازل عن السلطة ولکن بشرط تسليمها إلی «أياد أمينة»، في حين کان عشرات آلاف آخرين يعتصمون في ساحة التغيير في ما أطلق عليها شباب ثورة التغيير «جمعة الرحيل» لإسقاط نظام الرئيس. وقال الرئيس صالح وسط تجمع ضخم من أنصاره نظمه حزب المؤتمر الشعبي الحاکم وسط ميدان السبعين بصنعاء في ما سميت «جمعة التسامح»، إن «هذا التجمع الضخم هو استفتاء شعبي» للرد علی الفوضويين، معلنا عن رغبته في تسليم السلطة «لأياد أمينة».
وکانت المعارضة اليمنية أطلقت دعوة للتجمع أمس، بعد مقتل 52 محتجا بالرصاص الحي الجمعة الماضية في ساحة التغيير بصنعاء، لتأکيد المطالب الشعبية وإجبار صالح علی الرحيل.
وقد دعا خطيب الجمعة التي أقيمت بالساحة إلی «الثبات حتی يسقط النظام»، محييا کل فئات المجتمع التي التحقت بالثورة ومنها القوات المسلحة والوزراء والسفراء. وقال: «تخليتم عن سلاحکم والتحقتم بالساحة بعد أن فرقکم النظام»، مشيرا إلی أن الشعوب المجاورة فهمت المطالب المشروعة للشعب اليمني ورغبته في إنهاء النظام. وأضاف أن «الرئيس يعتقد أن الشعب عاجز عن إدارة نفسه، ونحن نقول له لا، فالشعب مليء بالطاقات القادرة علی تسيير البلاد».
وفي تعز، تجمع الآلاف من المصلين بالمدينة لأداء صلاة الجمعة ومواصلة مطالبتهم برحيل النظام. وقد زادت أحداث الجمعة الماضية من وتيرة الانشقاقات عن النظام، حيث التحق بالثورة قادة کبار بالجيش وزعماء قبائل ووزراء ودبلوماسيون. وأمام حجم الضغوط الداخلية والخارجية التي يتعرض لها النظام اليمني، يحاول الأخير القيام بکل ما في وسعه للحيلولة دون تقوية صفوف المعارضة.
وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، إن صالح طلب من الأحمر التراجع علنا عن دعم «ثورة الشباب» والقبول بما يسمی «العفو العام»، لکن الأخير، حسب ذات المصادر، رفض وترکز حديثه علی تقديم النصيحة للرئيس بالتنحي في ضوء مخارج «تحافظ علی تاريخه» و«تجنيب البلاد الانزلاق نحو العنف»، وعلی الرغم من ذلک لم يصدر أي تأکيد أو نفي للقاء من الجانبين. غير أن مسؤولا إعلاميا رئاسيا ذکر الجمعة أن الرئيس اليمني علي عبد الله صالح عقد اجتماعات خلال الثماني والأربعين ساعة الماضية مع قائد عسکري کبير انضم إلی المعارضة التي تطالب بتنحي الرئيس فورا. وقال أحمد الصوفي، المتحدث الإعلامي باسم صالح لـ«رويترز»، إنه خلال الثماني والأربعين ساعة الماضية عقدت اجتماعات بين صالح واللواء علي محسن وأن الأخير أوضح لصالح لماذا فعل ذلک، وأنه طلب من الرئيس تأکيدات بأنه لن يتم اتخاذ إجراءات ضده.
وفي ذات السياق، تشهد «ساحة التغيير» انضمام المزيد من المطالبين برحيل الرئيس علي عبد الله صالح، من مختلف الشرائح الاجتماعية، کما تشهد الساحة جدلا في أوساط الشباب، بشأن التحاق عدد من کبار قادة الجيش بالثورة، فهناک من يعتقد أن ما يجري هو «التفاف علی الثورة» و«احتواء لها»، وهناک من يؤيد ويبارک ذلک، وآخرون يبدون مخاوف والبعض الآخر يفضل التريث حتی عواقب وخواتم الأمور. وفي «ساحة التغيير» بصنعاء أصدر «شباب الثورة» بيانا تحت اسم «مشروع مطالب الثورة الشعبية السلمية»، وتضمن النقاط التالية: «تنحي الرئيس من منصبه وعزل أبنائه وأبناء أخيه من قيادات الوحدات العسکرية والأمنية، تشکيل مجلس وطني انتقالي لمدة ستة أشهر يتکون من خمس شخصيات (أربع شخصيات مدنية من بينها رئيس المجلس الرئاسي، وشخصية عسکرية)، تشکيل حکومة انتقالية من شخصيات تتمتع بالخبرة والکفاءة والنزاهة، تشکيل لجنة من ذوي التخصص والخبرة لصياغة دستور جديد يقوم علی أساس النظام البرلماني ونظم الانتخابات وفق القائمة النسبية ويکفل کافة الحقوق والحريات، علی أن يتم الاستفتاء عليه خلال مدة لا تزيد علی ثلاثة أشهر، بناء دولة مدنية حديثة قائمة علی المواطنة المتساوية والشراکة السياسية والتداول السلمي للسلطة، والاستقلال التام للقضاء والحکم المحلي کامل الصلاحيات، إعادة بناء المؤسسة العسکرية والأمنية علی أسس ومعايير علمية ووطنية حديثة بما يکفل حيادها التام، الإعداد والتهيئة لإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية وفق الدستور الجديد خلال الفترة الانتقالية، سرعة محاکمة المتسببين في سفک دماء المعتصمين والمتظاهرين السلميين، واعتبار الشهداء منهم شهداء الواجب، وتعويض أسرهم تعويضا عادلا، ومعالجة الجرحی علی نفقة الدولة».

زر الذهاب إلى الأعلى