المناسبات

إبادة جماعية بحق السجناء السياسيين الإيرانيين في أواسط صيف عام 1988، أکبر جريمة ضد الإنسانية منذ الحرب العالمية الثانية

 

 

إبادة جماعية بحق السجناء السياسيين الإيرانيين في أواسط صيف عام 1988، أکبر جريمة ضد الإنسانية منذ الحرب العالمية الثانية


 

بين مأساة وملحمة، اختبار أيديولوجي سياسي کبير
تعتبر إبادة جماعية طالت السجناء السياسيين في إيران في أواسط صيف 1988، أکبر جريمة ضد الإنسانية منذ الحرب العالمية الثانية. تلک الجريمة التي شارکت فيها کافة العصابات الداخلية للنظام الإيراني تمثلت في شلالات دم عمّد بها الخميني نظامه المشؤوم.
ووفق وصايا الخميني، کان مسؤولو نظام الملالي بينهم «مير حسين موسوي» رئيس الوزراء للنظام و«ولايتي» وزير الخارجية في حينه، قد رفضوا الاحتجاجات الدولية علی ما ارتکبوه من تعذيب وإعدام في سجون النظام قائلين «إنه ليس لدينا سجين سياسي في إيران!». ونصحهم الخميني بأن يصفوا أعضاء منظمة مجاهدي خلق وسائر السجناء السياسيين بالإرهابيين وأن لا يتکلموا عن وجود «سجين سياسي» في إيران مع أي طرف حقوقي أو سياسي في العالم. لأن مفردة «السجين السياسي» عبارة تضع خطوة بعد خطوة شرعية النظام الحاکم تحت علامات الاستفهام.
وکانت تمهيدات ارتکاب المجزرة بحق السجناء السياسيين، خطة واسعة تم تخطيطها مسبقا في أعلی مستويات قياديي النظام الإيراني الذين کانوا قد هدفوا إلی ارتکاب هذه الجريمة منذ زمن بعيد. لذلک بادر عناصر النظام الإيراني قبل سنة من وقوع المجزرة إلی فتح ملفات مفبرکة بحق السجناء السياسيين وتفکيکهم طبقا لانتماءاتهم السياسية والأيديولوجية وکذلک وفق مدی مقاومتهم أمام ممارسات التعذيب. وفي غضون ذلک تم نقل العديد من السجناء المقبوعين في محافظات إيرانية أخری منها «کرمانشاه» و«مشهد» منذ ربيع عام 1988 إلی طهران لتنفيذ الإعدام بحقهم.
وکان الهدف هو إزالة مقولة «السجين السياسي» «بصفتها السياسية» لدی النظام نهائيا.
والآن قد مضی أکثر من ربع قرن من هذه الجريمة ضد الإنسانية لکن قادة کل أجنحة النظام الإيراني مازالوا لم ينبسوا ببنت شفة عن ارتکابهم هذه المجزرة الجماعية خائفين من أي إشارة ولو جزئية إليها فيما أن الأمواج الهادرة للدماء الزکية لهؤلاء الشهداء الأبطال قد أصبحت «سرا لا يکشف» لدی النظام العائد إلی عصور الظلام.
وأصبح اتخاذ الموقف بشأن هذه المسألة سواء أکان سلبيا أو ايجابيا، معيارا لتحديد أعداء وأصدقاء هذا النظام. ولا داعي للقول إن انکار أبعاد هذه الجريمة اللاإنسانية أو الصمت عنها أو التقليل من حجمها أو تحريف هوية شهدائها الأبطال، تعد أمرا يثير الإشمئزاز ويظهر مدی العلاقة المنحطة مع عدو الشعب الإيراني.
ويمکن اختبار کل حرکة أو شخص يرتبط بهذا النظام داخليا أو خارجيا من خلال هذه الحقيقة التأريخية المأساوية.
ومنذ يوم مجزرة عام 1988 وما تلاه، لم تعد حرکة أيديولوجية أو سياسية في إيران إلا أنها قد اضطرت إلی اتخاذ موقف بشأن الدماء الطاهرة للشهداء الذين قد عروا صدورهم بوجه فتوی صادرة عن الخميني المصاص بالدماء.
وتعتبر فتوی الخميني حينما قال: «يجب إعدام کل من يصر علی موقفه» وجها يتيما لعملة الحقيقة لکن الوجه الآخر يتحلی بأسماء الشهداء الأبطال الذين قد ألحوا علی هوياتهم السياسية والأيديولوجية حتی الرمق الأخير منتصرين ومرفوعي الرؤوس سياسيا وأيديولوجيا وتأريخيا وبذلک مرغوا أنف الخميني في الوحل والتراب.
ولم يکن يبقی منزع في قوس صبر الشهداء الأبطال في أروقة السجون وخلف غرف الموت حتی أن يصلوا لحظة الاختبار المصيرية بينما کانوا تواقين إلی أعواد المشنقة لتکريس وتحقيق«حق حرية الاختيار» و«حرية الفکر» لشعبهم. نعم إنهم کانوا عماد المستقبل ورسامي صورة رائعة من إيران الغد الحرة.
وکان الشهداء الأبطال في مجزرة عام 1988 قد لعبوا في غاية الوعي والمعرفة دورا مصيريا وقدموا حياتهم تضحية لاعلاء کلمة سياسية وأيديولوجية واحدة جاعلين المجزرة التي ارتکبها الخميني، ملحمة تأريخية عريقة في البلاد.
إن هؤلاء الشهداء الخالدين الذين ضحوا بکل غال ونفيس من أجل إعلاء کلمة الحرية، يجعلوننا مخيرين بين الاختيار والاختبار. وتجدر الإشارة إلی أنهم قد حولوا بجوهر منقطع النظير لحق «حرية الاختيار» من کارثة  إنسانية إلی ملحمة إنسانية جبارة رائعة ليسجلوا رصيدا لدی کل إيراني يتکلم عنها باسم «حرية الفکر» و«حرية الاختيار».
وينحني کل إنسان شريف إکراما وإجلالا لهذه الملحمة الصامتة…

 

زر الذهاب إلى الأعلى